رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: الراقصة الحافية وبنت الشاطيء!

المصير

الأحد, 1 ديسمبر, 2024

06:46 م

اليوم تحل ذكرى كل من: الراقصة سامية جمال "1994" والدكتورة عائشة عبد الرحمن "1998" على الترتيب. لا تنتفض –عزيزي القاريء- من الربط، ولا تنزعج، ولا حتى تندهش؛ فالربط هنا من لزوم ما يلزم، ولسوف ترى! 
اليومَ.. سوف تنشغل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بتفاصيل حياة الراقصة الحافية، ولن يأتوا على ذِكر بنت الشاطيء –إن فعلوا- إلا قليلاً. سوف يحدثونك عن النشاة الفقيرة للفنانة الراحلة، ولكنهم لن يحدثوك أبدًا عن البيئة الصعبة الصلبة التي خرجت منها الباحثة العظيمة، وتجاوزت كل الأسوار. سوف يحدثونك عن الموهبة المبكرة للراقصة الراحلة، ولكنهم لن يحدثوك عن أن الأستاذة الجامعية حفظت القرآن وجوّدته وهي دون العاشرة من عمرها!
سوف يحدثونك عن خفة ورشاقة بطلة "عفريتة هانم"، ولكنهم أبدًا لن يحدثوك عن قوة إرادة أول امرأة تحصل على جائزة "فيصل" العالمية في الآداب. سوف يخدعونك بما يصفونه بـ "الطفرة" التي أحدثتها ابنة بني سويف في فن الرقص، ولكنهم لن يشغلوك بجهود ابنة دمياط في حركة التجديد الإسلامي. سوف يُبغلونك بأن الراقصة الراحلة ابتكرت أسلوبًا خاصًا في "الهز" لم يسبقها إليه أحد من الراقصات، ولكنهم لن يلقنوك بأن المفكرة الإسلامية الراحلة كانت حارسة التراث، وفقيهة الدراسات القرآنية، وأن سيرتها كانت جسرًا أمينًا لتلاقي الأجيال، وصناعة الرجال، وحماية المرجعية من كل عناصر الدخن والدخل، وكل شوائب الخلط والخبط عبر مشروع متكامل. سوف يحدثونك عن زيجات الفنانة الراحلة ومغامراتها مع زوجها الأخير "تحديدًا"، ولكنهم لن يطلعوك على علاقة الأكاديمية البارزة مع زوجها الشيخ أمين الخولي، وكيف أثمرت علمًا وثقافة وفكرًا.
 سوف يخبرونك عن عدد أفلام "سامية"، وثنائياتها الفنية، ولكنهم أبدًا لن يخبروك أن "عائشة" درَّست في 9 جامعات عربية، وكرّمتها 6 دول عربية وإسلامية، وقدّمت 63 كتابًا للمكتبة العربية والإسلامية وخطت أكثر من ألف مقال. سوف يوجعون قلبك بحكاية اعتزال الراقصة في أوائل السبعينيات، قبل أن تعود مجددًا وهي في الستين من عمرها؛ بعد أن أوشكت على الإفلاس، ولكنهم لن يدهشوك أبدًا بالحديث عن الرحلة العلميةَ الممتدة للكاتبة المتوهجة حتى أيامها الأخيرة. هم لا يفعلون ذلك خبط عشواء، ولا من غير قصد؛ لا والله؛ فهم حريصون دومًا وأبدًا على أن يكون نموذج "سامية" هو السائد والمسيطر، أما نمط "عائشة" فيجب أن يختفى ويتوارى خلف الستار!